يا حسرة والله على الليالي الطويلة والأيام الجميلة, الواعظ فيكم ينفخ في رماد, ولسان الحال , ياحسرة على العباد ...
لا تقف مكانك......, هل وقفت الشمس مكانها؟ هل ثبت القمر في موضعه؟ هل سكنت الريح؟ هل جمد النهر قبل مصبه؟ الكل في حركة, الكل في سباق, الزمن يمر مر السحاب, الصوت يسعى إلى منتهاه, الضوء ينطلق إلى مداه
فهيا أيها الكادح والمخلوق العجيب, لا تقف....فإنك في وقوفك تخسر ساعات غالية لن تعود أبدا, ....
عمرك في أنفاسك.... تاريخك يكتب بساعاتك.......
فاتق الله في الليالي والأيام والسنين والأعوام, كفى مماطلة...... كفى تسويفا...... استفق من سكار الغفلة وسنة العطالة, وتلفت حولك. لن تجد الواقفين إلا البلداء أما البقية فكلهم في دأب وجد واجتهاد , الفلاح يبعثر الأرض ذات الصدع بمساحته, المهندس يدير المعامل بآلاته, الطبيب مكب على عقاقيره, يختبر ويحلل, الأستاذ منهمك في درسه يشرح ويعرف, والعابد في مصلاه يدعو ويسبح وأنت مسوف بالآمال هائم في أودية الخيال متعلل بطول العمر ورغد العيش
لا يحل لك أن تهدر العمر ولا أن تعقر بدن العيش الغالية, لا أن تذبح الزمن بسكين اللهو, لأن قتل المعصوم حرام ...إذا أنت ضيعت الزمان بغفلة ندمت إذا شاهدت ما في الصحائف
تسابق الذئب والسلحفاة وكان الذئب أسرع خطا, وأشد وثبا, وأقوى عزيمة والسلحفاة بطيئة ثقيلة, فمر الذئب بظبي فعكف عليه ليصطاده فعاسفه وقاومه وارتحلت السلحفاة هادئة مواصلة فسبقت الذئب إلى الغاية وقعد بالذئب تلفتُه وانشغاله ....
فيا من عرف طول الطريق وقلة الزاد وبعد السفر ونفاسه المطلوب, وخساسة الدنيا, مالك إذا قيل لك انفر تثاقلت؟ وإذا قيل لك قم تناومت؟؟
شابهت في سكونك الميت والجماد, ووالله لو حملت همة عالية لارتحلت بك قبل الفجر, وهبطت بك وادي الفلاح, وأنزلتك مهبط الخير, لكنك رضيت بالقعود أول مرة , وجلس بك الطبع الكثيف في الصفوف الأخيرة , فأنت في الغذاء والكساء ماهر مثابر مجيد فريد, ولكنك في العمل والعبادة والتحصيل ثقيل بليد
أوشكت الشمس على الغروب, والعمر على الهروب وأنت راكد لابث ويلك بادر قبل تغريد الطيور فالعمر نهب ولياليك تمور ....
بان لك الرشد وظهر لك الربح وقامت شوكة الميزان,ولا ينصحك مثل المعصوم, ولا يدلك مثل القرآن, وقد قامت عليك الحجة وما بقي لك عذر وليس لك مهرب فتب إلى مولاك واهجر دنياك, وأكثر من الزاد الثمين المبارك الباقي: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
يتبع بإذن الله